Tuesday, February 19, 2013

حروفيات فريد عبدال: الكشف عن ساق الدهشة


ما يستلهم التراث ولا يلتهمه.. يجاريه ولا يجترّه

في أوج اهتمامه بتفاصيله الصغيرة لا يغفل فريد عبدال عن رسائله العميقة التي يبثها في آفاق موسيقاه اللونية. هذا السيل المنساب أفقياً وعرضياً بكل الألوان والأحجام والتجارب الحروفية والرقمية يتجلى خلاله إعمال فكري دقيق في البحث عن دقائق روحية تستلهم التراث ولا تلتهمه، تجاريه ولا تجتره.

لا يقين في اللوحة (الفريدة) رغم التوقيعات التوضيحية الكاشفة لكل منها، دراسة دائبة تتجلي في التطور/التورط الجلي عند المقارنة بين معرضه الحالي ومعرض أكتوبر ٢٠١٠، هذه المقارنة -كما أسلفنا- تكشف عن دراسة حثيثة في العلاقات الهندسية والصوتية والبنائية و (المرآتية).. لا قاعدة في تفسير الفن ولكن هناك ألف قاعدة لتحليل الخط العربي وفريد عبدال يسعى في سبرها بشغف.

من الحبر الصيني وهندسة الشكل والكتابة العمودية تسرقك اللوحة في بحث تاريخي إلى أصل الحرف الأول.. إلى حريته الأولى قبل التصاقه في قاعدة أفقية، إلى جذور الأبجدية الأصيلة، قبل أن تنتقل من الرسم مروراً بالدلالة الصوتية إلى الشكل الهندسي، حتى استقر الحرف في الأقلام المعروفة في العصرين الأموي والعباسي، وارتبط مشيمياً بالنص المقدس يستمد منه أو يشتمل عباءته الضيقة، فتتحول الأقلام إلى مدارس فقهية غير قابلة للتجاوز أو التطور أو إعادة النظر.

القصص الصغيرة لا ترسم القصص الكبيرة

بين الكلاسيكية ولوحة الحداثة موجة فريدة يسوقها فريد عبدال إلى متلقي النص.. فالنص هنا ساقية إلى آفاق قد تتفق أو تغاير دلالته الأصلية، أمواج متحررة من السياق ومتواصلة معه تكشف ساق الدهشة في التقاطات إنسانية وصوفية مكثفة تطرق احتمالات النص والشكل، هنا تحتاج أن تقرأ بعينيك وحسك وعقلك معا وتحاول فك بعض الرموز التي قد تبدو عصية على المتابع لسيرة الفنان وتطور حرفه.


حجم اللوحة أيضاً وغنى ألوانها يبدو مقصوداً بتعمد واضح ليتناسب مع روح اللوحة؛ اللوحات الصغيرة التي ترمز لقوى الطبيعة الأربعة: الهواء والماء والنار والتراب تمثل مفتتحاً (منطقياً) لدراسة فيزياء لوحة عبدال. تنتقل منها مباشرة إلى رؤية الفنان لتجريديتي (عيد) التاء الصوفية (تهاليل/تسابيح - تهادوا/تحابوا) في انتقال مريح للعين يستمر كخط ثابت في مجاميع لوحات هذا المعرض المتميز، ولا يسعنا في هذا المجال إلا الإشادة بمهندس هذا المعرض ورؤيته الخاصة في تنظيم اللوحات، والحفاظ على هذا التسلسل الباعث على التأمل. كما لا يغيب عنا أن نشير إلى خبرة صاحب هذا المعرض في مجال الهندسة والمعمار التي أسهمت أيضاً في بحثه حول بنائية اللوحة وتنسيق مجموع اللوحات في بستان شيق.




في اللوحتين التاليتين (وكشفت عن ساقيها - إخلع نعليك) يحيلنا الفنان إلى المخيلة الفنية وإمعان النظر في الصور الفنية والعاطفية خلف النص، ويمارس بذكاء حيلة الإشارة إلى الدلالات المخفية عبر طبقات من الكتابة تتراصف فوق بعضها في دعوة لكشف الرداء التقليدي، وخلع عباءة الأحكام المسبقة. لوحات الأبواب الأكبر حجما (باب الفتوح وباب النصر) يبرز بها توازن دقيق بين كتل اللونين الأبيض والأسود، و بين طبقات اللون الأسود وحركته، كما يبرز تطور تجارب الفنان في التعامل مع خطوطه العمودية واستقرار قلمه.


أنتقل أخيراً إلى ما أثارني في عبقرية هذا الفنان، إذ استل من لوحات الخط الكلاسيكي ثيمة اللوحة المرآتية ليعطيها دلالة أعمق لا تقف عند إضافة اللون وتجريد الخط، يترسخ المعنى في هذه اللوحات بتجنب تكرار الكلمات في الحرف المعكوس لتأتي الكلمات المقلوبة متممة للعبارة ومتوافقة معها.



في لوحات أخرى يتحدى فريد الكتابة بالأسود على صفحة البياض فيستعيض عنه باللون، ويرسله إلى خلفية اللوحة ليتناوب مع البياض الإثارة بدفع العبارة اللونية إلى طرف الذائقة.


ما دفعني للكتابة عن معرض الفنان فريد عبدال أبعد مدىً من مقال قصير، ولا يترك لي إلا دعوة المتذوق والمتتبع لحركة الخط العربي لزيارة معرض بالغ الفرادة يعد بمستقبل مبشر للوحة تشكيلية خطية وتشكيلية حروفية تقرأ تراث الإنسان وتعيد كتابته بصورة فلسفية معاصرة عابرة للحدود.



انطلق معرض الفنان فريد عبدال في غاليري تلال يوم العاشر من فبراير ويستمر لمدة أسبوعين.

Wednesday, February 13, 2013

جمع حكماء .. ولا شفاء !

الأول/
من وصايا لقمان لأبنه:
(يا بنى إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة ..)

الثاني/
بعد أن أوثق نبيه الصغير إلى مقعد حلمه مكرها.. هل خطر له أن سيوثقُ رهن أيامٍ إلى رفاق الحلم/الهوية؟
من كان يدري؟
من كان يريد؟
هل خطر لأيّنا أن الأطفال سيلحقون به تباعاً إلى مدرسة يوسف وتزف الأمهات إلى قلب ابن داود؟

الثالث/
بعد أن قدر نفسه حق قدرها.. وعى أن الحماقة داء أعيى المداوين

الرابع/
صدئت الألسن عن التشاغل به عن لغوها ولهوها بعد أن حَمِي دونه نصل الحروف!!

الأخير/
الجنائز شغل دنياه، والعرس يذكّره بالآخرة!



لأصحابها وصحابتها فقط.

دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...