Thursday, December 24, 2020

أيّ قصةٍ ستروي لأحفادك؟

 كنت أتساءلأي قصة سأروي لأحفادي؟
شقاء وشقاوة الطفولة فوق (السدرةفي مزرعة (المنقف)، أم مسابقتَنا الطائرة العائدة في السماء جرياً على الأرض، وأنا والرفاق ننشد: (طيّاره طارت في السما العالي ... فيها صباح السالم الغالي)؛ أم التلفزيون "الكبت"، و(الترانزستورات) التي سرقت هويتها أضواء السبوت لايت ولم تسرق قدرتها السحرية على الرسم بالألوان؛ أم الشراشف الرطبة منشورة على الحبال المتقاطعة ونحن نفترش الحوش تحتها في نهار قائظ، أو على سطح الدار نعدّ النجوم التي باتوا يعدّونها في الظهيرة؛ عن (المحيلان) في الإذاعة المدرسية ظهيرة الخميس، وخالد الشيخ يموسق القصيدة، أم المَحْل في رؤوس آبائهم؛ أم أُولى عروض درب الزلق وأوبريت قبل الزواج وشهر العسل، قبل أن نعرف الحقيقة التي أخفتها سعاد وكتمها عبدالحسين عن الأيام التالية للزواج وشهر العسل؛ عن أيام حرب الخليج الطويلة التي نزفت روحها على مهلٍ دون نتيجة، أم الحرب الخاطفة التي قلبت عالمنا على قفاه؛ عن صراعات الطائفية الساذجة، أم الإرهاب الداعش؛ أمِ الربيعات الدامية؛ ربما عن شيء قد لا يعرفونهعنقاء اسمها المكتبة، وكيف تختفي حيناً لتعود أشدّ مما كانت، ولو كانت حبيسة بيت، وكيف أن الحياة غائمة دونها؛ هل أخبرهم عن المثنويّ، أم البرجين؛ أم الحزبين، أم لوريل وهاردي، وتوم وجيري، وجيكل وهايد، وريّا وسكينة، وحسني البورظان وغوار الطوشة، وأنيس وبدر، وزينغو ورينغو...؟
بعد يأسٍ أستسلمليعرفوا ما يريدون معرفته من الأخ الأكبر غوغل.
حتماً سيكون له في زمنهم وجه متغضّن ولحية بيضاء أطول من لحية خرونوس وأشيب من لخمو، وحكمةً تبزّ حكماء الإغريق السبعة مجتمعين، ومعهم مجنون حارتنا الذي يصيح بالجيران دوماً: (ما لكم أمل يالبدون!) وأجيبه: ( ميم باء غين قاف / مبغقلو سمحت!
أم سيكونون أيضاً (بدون)؛ فلا يحتاجون سماع قصتهم؟
ثم -من أي كهف لا ندريجاء كوفيد... وترامب!!
أم أستهل بقصة الناس يختارون من يحسبونهم أنبياء، فيأبى الله إلا أن يبعث إليهم بتاجر سيارات أميركية؟!

Monday, June 22, 2020

إسفلت يشرب أرواحهم


الأحد الساعة 11 صباحاً:

مستوصف السالمية الذي يقع قبالة ساحل الخليج مغلق الأبواب، والمرضى تحت مظلات سخيفة تقف فوق الإسفلت. تمتص كلحته عين الشمس وعرق المتصبّبين في الخارج فيعيده إليهم دخاناً مالحاً. الحرارة والرطوبة تذيب ما تبقى من عافية في أجساد المرضى المنتظرين. بعضهم كان هناك منذ ساعة. لم أحتمل دقيقتين في الصهد، فقررت أن العلاج الشهري لا يستحق كل هذا. شيخ يتقطر فوق كرسيه البلاستيكي الأبيض الذي انعجن مع صهارة جسده مستنداً على عكازه وقد أطرق برأسه.

هيأته تُبدي أنه من طائفة (السيخ). لا أعرف ما يدور برأسه الآن، ولكنني واثق أن مثله، ما دام هنا، فلا بد وأنه قضى عمره محاولاً إقناع نفسه وعشيرته بأننا لسنا برابرة.


7 يونيو (2020 الكبيسة)
#يوميات_الفيروس_المتوج
#الفيروس_المستبد

Tuesday, April 7, 2020

البصل اليمني



في بداية الجانحة -قبل أن تتحول إلى جائحة- وبعد ما عَبَرت أزمة دخول المسافرين إلى إيران. شفت فيديو لـمواطن حريصمتحمس يبي يقطع دابر كل شي يأتي من إيران بما فيها السمك، حياً أو ميتاً. وينبه وزير التجارة إلى أن أحد التجار الكويتيين يهرب السمك الإيراني إلى سلطنة عمان ويعيد تصديره إلى الكويت على أنه سمك عماني، ويجب أن يعاقب وأن الأمر يجب أن لا يمر مرور الروبيان .. الخ
يومها رحت للجمعية التعاونية أتسوق بعض الحاجيات، غير الضرورية أصلاً، دعماً للاقتصاد الوطني، متجاهلاً كل الاتهامات التي توجه من هنا وهناك، ومن كل حدب وعضب، من المغرضين، ضد التاجر الوطني الشريف، الشريف قبل الأزمة وبعدها، والشريف إلى يوم الدينما علينا.
تفاجأت بوجود لوحة تعلن عن (بصل يمني)!
كان ذلك قبل أزمة البصل بمراحل. ولكن ما أثار استغرابي هو أن اليمن المحاصر الذي يقصف بشكل يومي وتعطل وتحتل موانئه ومطاراته ويساق شعبه إلى حرب الفرق والملل ما زال يزرع -شيء آخر غير القات وأصناف المخدرات- ويصدّر. فقررت تشجيع صمود المزارع اليمني وعروبة التاجر الكويتي واشتريت كيلوين بصل يمني. رغم تفضيلي للبصل الأمريكي، أو على وجه الدقة، البصل الأمريكي سعودي المنشأهم ما علينا.
وأنا أدردش مع العامل المصري الخبيث الذي على الميزان، قلت له، منتفخاً طبعاً، بأني احيي فيهم تشجيع البصل اليمني الشقيق وهالسوالف، فصدمني اللعين بقوله: يمني مين يابه!! ده مصري احنا اللي بنزرعوه ونعرفوه. مش حيتغير علينا حتى لو حطوا له مية جنسية!!
خرجت منه محتضناً بصلي، مغلقاً أذنيه حتى لا يسمع هذه التخرصات، خاصة وأنني من البدون، واتهامات مثل هذه مزعجة دون دليل، وهرعت (مو يقولون هرعت؟) إلى المحاسب للنجاة من هذه الجمعية الشوفينية بأسرع وقت.
لم أتذكر الحادثة إلا بداية الأسبوع الفائت، مع أزمة البصل، متعدد الجنسيات، لما شفت صورة في تويتر لأكداس البصل الأحمر الناري على شاحنة عند مغرد مشهور وهو يبشر المواطنين: بشراكم، إخوانكم من الشعب اليمني علموا بأزمة البصل عند أشقائهم في الكويت، وقرروا إرسالة شحنات كافية لأشهرعند طريق سلطنة عمان!
ضحكت كثيراً ثم تبسمتُ بخبث. وقلت في نفسي: ها هي اليمن السعيدة.. عربية وتصدّر البصلما رأيك الآن أيها المزارع المصري الشقي؟!

٦ ابريل (٢٠٢٠ الكبيسة)
#يوميات_الفيروس_المتوج
#الفيروس_المستبد

دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...