Saturday, January 16, 2016

"مضايا" وأخواتها وكلفة العمل الإنساني

في الحرب الأهلية ترتفع الكلفة على المدافع عن حقوق الإنسان. فكل الرايات المتشابكة -التي تدعي الحق والفضيلة بالضرورة- تلوّح برايات المطالبات الإنسانية. وغالباً ضمن مبارزات بعيدة عن الشرف.. كما هي الحرب. 

كيف يمكن للمدافع المحايد أن يتجاهل اتفاق الهدنة الذي تم في 28 ديسمبر 2015، والمعروف باسم "الزبداني-الفوعة وكفريا" والذي نص على رفع الحصار عن (مضايا) بالتزامن مع رفع الحصار عن قريتي (كفريا والفوعة) في محافظة إدلب، والذي لم ينفذ بسبب رفض جيش الفتح و حركة أحرار الشام وفصائل مسلحةّ إسلامية أخرى فتح ممر للمساعدات الإنسانية بموجب هذه التسوية للقريتين اللتين تحاصرانهما -كما جاء في تقارير CNN.

النظام الذي يحاصر شعبه هو نظام مجرم ولا ينبغي التذرع بجرائمه للانتقام من مناصريه المدنيين أو جرحاه أو أسراه..

نؤمن بوجوب تجنيب المدنيين ويلات الحرب.. فعلى أي أساس يحق لنا أن نفاضل بين مدني و آخر؟
لماذا نركز على امتلاك النظام لأسلحة دمار شامل ونتجاهل استخدام الفصائل المسلحة لغازات الكلور والخردل ضد المدنيين في مناطق متعددة وفق شهادات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والمراقبين؟

في اللحظة التي تقلد فيها الإخوة السلاح لم يعد هناك بريء في الساحة.. الكل متهم حتى يخضع لشرط حماية الحياة. ولا يجب على المدافع عن الحق الإنساني -الحق لا الغرض- أن يميل إلى إحدى جنبات قضيته الكبرى. فينساق وراء دعاوى إشغاله في تفاصيل المعارك المرحلية. نعم، لدينا موقف سياسي، وهوىً سياسي أحيانا.. ولكن المنظار الأبعد يحملنا على التحليل والفحص والنقد لكل المواقف. هنا يختلف (الناشط) في قضية محددة عن (المدافع) الذي يحمل مظلة عريضة اسمها: وحدة الإنسانية.

مثلما يجب العمل على تجنيب المدنيين/ كل المدنيين من ضفتي القتل ويلات الصراع، فإن حماية المدنيين لا تقتصر على توفير المياه الجارية والغذاء حسب، بل تتعدى ذلك إلى إبقاء التعليم متاحا للأطفال (بما في ذلك تعليم البنات )، وحماية الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وصيانة رموز الدين لكافة الطوائف والديانات، وحماية مراكز الخدمات الصحية المدنية والعسكرية، وتوفير الخدمات الصحية على قدم المساواة لجميع الفئات بما في ذلك جرحى المتحاربين. وتأمين خطوط الإمداد بالغذاء والدواء. ومع نزع أسلحة الدمار الشامل من أيدي جميع المتقاتلين، من القوات الرسمية كما من الفرقاء الآخرين. أين يقف المتصارعون من كل ذلك؟ 


في مصر وسوريا والبحرين وليبيا واليمن والعراق والسودان وغيرها، نتعاطى وصفة الألم أملاً في تجنب عمى الألوان، لن نحيد عن مبادئنا الراسخة ولتذهب الرؤى السياسية إلى الجحيم الذي تريد.

دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...