Sunday, May 29, 2016

مثقاب فكري!!


الصديق مرتضى كزار محرض جيد للكتابة. يقول:

(نرتكب جناية حينما نصوّر الإرهابي بأنه ذلك القادم من ثقب الزمن، المتخلف، المتسخ، الذي يلبس الألوان القاتمة ولا همّ له غير الكراهية والتفخيخ واللعن ومضاجعة كل شيء.
في الأدب مثلاً، حيث يسبق الخيالُ التفكيرَ بمراحل، تم تجاوز ذلك النموذج التقليدي، إلى نموذج أعقد قليلاً.نساهم دون أن ندري؛ ونحن نسخف ونختصر شخصية المتطرف بهذه الطريقة بإدامة سوء الفهم، لأن التطرف الديني«مثقف!» وعميق، ما نراه في الشاشات والأخبار والتغريدات والمعارك هو الوجه الذي تستطيع الشاشات والأخبار والتغريدات والمعارك أن تفهمه، وما نستطيع أن نفهمه نحن. هو الوجه التقليدي البسيط للإرهابي. المتفق عليه نسبياً، أما الوجه الغاطس في عقلانية زائفة والمتخفي بلحية لا مرئية، فهذا هو الصورة الواقعية للإرهاب، لم يخرج من ثقب الماضي، هو نفسه حفّارة ثقوب!)- مرتضى كزار، 2016/5/28، فيسبوك.



بماذا يمكن أن نصف مذيعة جميلة -يفترض أن تكون غير محجبة في هذه الحالة - ومذيع حليق يرتديان السواد في يوم إخلاء الفلوجة من عصابات داعش؟

عندما تستدرج "متابعيك"/قبيلتك/ قومك/ طائفتك/ حزبك ليكونوا "طبالة" لفكرة غير تامة ومن نسج خيال مصاب بضيق الأفق. وأحياناً مع معاناتك الشخصية من "التطبيل" بأنواعه!

الطائفي ليس إرهابيا بالضرورة ما لم يحاول إلغاء الآخر. الإرهابي كذلك، ليس بالضرورة أن يكون طائفياً.. (ولا متخذاً لهيئة كفار قريش في المسلسلات العربية التاريخية) بمعنى أن أي فكرة ناشز ترفض النقد والتحليل والدراسة يمكن أن تكون إرهابية وإن تغطت بمسوح التسامح والانفتاح وحماية المجتمع ! بعض الإرهابيين هم رجال ونساء وسيمون، ونقاد جيدون مرهفو الحس في الحقيقة -كما أضاف الصديق.

الشكل المعاصر للإرهاب يختلف كثيرا عن الشكل التقليدي -وهنا أوسع دائرة الوصف الذي أطلقه مرتضى- ليشمل ذلك العنصري الذي وصفته سابقاً بالركض وراء مساحيق و "كريمات" دورات حقوق الإنسان للاستعانة بها في تغطية قبحه وترطيب شفاهه المشققة.

أقرب الناس منك -مثلاً- قد يتحول إلى إرهابي فكري أو نفسي أو عاطفي بدوافع مثل الحماية أو الحب.. وربما الغيرة. هل أحتاج حقاً إلى سوق الأمثلة؟ أبق عينيك مفتوحتين. ذلك يكفي.

بهذا المعنى، حتى تعنت رقابة المصنفات في إجازة نصوص جديدة لكاتب سبق له أن حاول تحصيل حقه عبر السبل القانونية هو نوع من أنواع الإرهاب. القرارات والقوانين وحتى الدستور، هي أدوات للتنظيم لا للحجر والتضييق.

الإغراق في الملاحقات القضائية للمعارضين الفكريين والسياسيين هو أيضاً شكل من أشكال الإرهاب. ألا تكفي دعوى واحدة لإثبات اختلاف الموقف؟!

في النهاية؛ أنا لا أريد أن أتخذ من أحد عدوا.. ليس لأنه لا يستحق ذلك بالضرورة، ولكن فقط لأنني لا أريد منحه هذا الشرف. فقط لا أريد.

Saturday, January 16, 2016

"مضايا" وأخواتها وكلفة العمل الإنساني

في الحرب الأهلية ترتفع الكلفة على المدافع عن حقوق الإنسان. فكل الرايات المتشابكة -التي تدعي الحق والفضيلة بالضرورة- تلوّح برايات المطالبات الإنسانية. وغالباً ضمن مبارزات بعيدة عن الشرف.. كما هي الحرب. 

كيف يمكن للمدافع المحايد أن يتجاهل اتفاق الهدنة الذي تم في 28 ديسمبر 2015، والمعروف باسم "الزبداني-الفوعة وكفريا" والذي نص على رفع الحصار عن (مضايا) بالتزامن مع رفع الحصار عن قريتي (كفريا والفوعة) في محافظة إدلب، والذي لم ينفذ بسبب رفض جيش الفتح و حركة أحرار الشام وفصائل مسلحةّ إسلامية أخرى فتح ممر للمساعدات الإنسانية بموجب هذه التسوية للقريتين اللتين تحاصرانهما -كما جاء في تقارير CNN.

النظام الذي يحاصر شعبه هو نظام مجرم ولا ينبغي التذرع بجرائمه للانتقام من مناصريه المدنيين أو جرحاه أو أسراه..

نؤمن بوجوب تجنيب المدنيين ويلات الحرب.. فعلى أي أساس يحق لنا أن نفاضل بين مدني و آخر؟
لماذا نركز على امتلاك النظام لأسلحة دمار شامل ونتجاهل استخدام الفصائل المسلحة لغازات الكلور والخردل ضد المدنيين في مناطق متعددة وفق شهادات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والمراقبين؟

في اللحظة التي تقلد فيها الإخوة السلاح لم يعد هناك بريء في الساحة.. الكل متهم حتى يخضع لشرط حماية الحياة. ولا يجب على المدافع عن الحق الإنساني -الحق لا الغرض- أن يميل إلى إحدى جنبات قضيته الكبرى. فينساق وراء دعاوى إشغاله في تفاصيل المعارك المرحلية. نعم، لدينا موقف سياسي، وهوىً سياسي أحيانا.. ولكن المنظار الأبعد يحملنا على التحليل والفحص والنقد لكل المواقف. هنا يختلف (الناشط) في قضية محددة عن (المدافع) الذي يحمل مظلة عريضة اسمها: وحدة الإنسانية.

مثلما يجب العمل على تجنيب المدنيين/ كل المدنيين من ضفتي القتل ويلات الصراع، فإن حماية المدنيين لا تقتصر على توفير المياه الجارية والغذاء حسب، بل تتعدى ذلك إلى إبقاء التعليم متاحا للأطفال (بما في ذلك تعليم البنات )، وحماية الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وصيانة رموز الدين لكافة الطوائف والديانات، وحماية مراكز الخدمات الصحية المدنية والعسكرية، وتوفير الخدمات الصحية على قدم المساواة لجميع الفئات بما في ذلك جرحى المتحاربين. وتأمين خطوط الإمداد بالغذاء والدواء. ومع نزع أسلحة الدمار الشامل من أيدي جميع المتقاتلين، من القوات الرسمية كما من الفرقاء الآخرين. أين يقف المتصارعون من كل ذلك؟ 


في مصر وسوريا والبحرين وليبيا واليمن والعراق والسودان وغيرها، نتعاطى وصفة الألم أملاً في تجنب عمى الألوان، لن نحيد عن مبادئنا الراسخة ولتذهب الرؤى السياسية إلى الجحيم الذي تريد.

دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...