Friday, November 10, 2023

دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذه الفكرة التي سعت إلى تغييبنا عن احتلال الجزائر وقهر ليبيا واغتيال لومومبا وحرب الكونغو  وسواها. جهود سنوات شطبتها فلسطين الباهرة في أسبوع واحد فقط!


أوروبا العجوز التي ضعُفت على السلب والنهب والدمار جرت الدماء في عروقها فجأة عندما استصرخها الصهاينة، ظفرها الكولونيالي في المنطقة، فنبتت أنيابها بسرعة، وهذه أيام تذكر كل من نسي العدوان الثلاثي كيف تجتمع الذئاب على الطريدة، وإلى اللحظة لا يستطيع أحد في العالم الغربي إدانة وحشية الكيان الغاصب وإجازة حقوق الشعوب في المقاومة وتحرير الأرض بكافة السبل وتقرير المصير وإدانة المستوطنات. قيم بسيطة وردت في أكثر من 140 قرار أممي يدين الصهاينة. جوهر المسألة أن مغتصباً سابقاً لا يمكنه تسويق الغاندية. لا ينسى مصاص دماء طبيعته بسهولة.


ظهر دومينيك دوفيلبان ليطالب بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة على أراضي 1976 في الضفة والقطاع، وعندما قاطعته المقدمة بالسؤال عن مستقبل المستوطنات في الضفة، أجاب بأن المستعمر في الجزائر أخلى مليون مستوطن فرنسي من أجل السلام، وهذا ثمن على الصهاينة دفعه.

دوفيلبان، الشاعر الديبلوماسي، ومرشح الرئاسة السابق، الذي عارض احتلال العراق سابقاً، ولد هو نفسه في الرباط، ويعرف المنطقة جيداً ولديه آراء بارزة أخرى، مثل قوله إن سياسات الغرب وراء تصاعد الإرهاب. رئيس الوزراء السابق يعرف -كما تعرف فرنسا- أن أدواتها الاستعمارية استنفذت في مسارح عدة، وجردتها الولايات المتحدة من كل ألاعيبها، ولم يبق منها إلا القوة الناعمة على الساحة الدولية. هذه القوة التي تسفح سريعًا في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين. إفريقيا تحديداً ما زالت محل صراع "روحي" فرنسي -ربما لنشوب صراع امبريالي بينها والولايات المتحدة، وبزوغ صراع قوى مع روسيا والصين. فرنسا -ومثلها عديد الدول الأوروبية- تحاول تصدير القوة الناعمة -والعطور الفاخرة والمكياج الصارخ- إلى الشرق "الأدنى"، ولكنها ما زالت تناور في إفريقيا، وتقدم قدماً وتؤخر أخرى. وللسبب نفسه:  لا ينسى مصاص دماء طبيعته بسهولة.


ولكن ما لا يعرفه السيد دوفيلبان أنهم دائماً ما يأتون متأخرين. حل الدولتين انتهى تحت أقدام المقاومين. الحرب الشاملة باتت تطرق الأبواب. ولا يمكن إنقاذ آخر بؤر الكولونيالية التوسعية في العالم من الأقدام الطارقة على أبوابها أو الخراب الذي ينخر قلبها. "إسرائيل لن تمضي قدماً".


سيد دوفيلبان، خطابك البليغ في الأمم المتحدة، وملايين المتظاهرين في شوارع أوروبا لم تمنع احتلال العراق. الديمقراطية فشلت.  حقوق الإنسان دم معتق، وليست نبيذاً، ومن يريد أن يحميها عليه أن يجرد سيفاً أمضى من لسانه.


ربما كان من الأفضل لفرنسا أن تتواضع وتشرح جيداً للكيان المتمرد فكرة سارتر عن تحول الضحية إلى جلاد من واقع جاك ماسو وفرقة المظليين العاشرة في الجزائر.


سيد دوفيلبان، شكراً. لا شكراً. نحن نواجه مشاكلنا بأنفسنا. واجهوا مشكلتكم.


Dominique de Villepin

Thursday, October 19, 2023

أن نقول جميعاً "أحا"!



في 7 أكتوبر انتصر الفلسطيني. هذه التي نشهد فصولها ليست حرب 2023.
حرب 7 أكتوبر 2023 انتهت في 90 دقيقة بانتصار الفلسطيني، وتدمير كتيبة غزة -الصهيونية- بالكامل، وإزاحة المستوطنات الصهيونية عن نطاق الحصار في غلاف غزة، ووضع إسرائيل أمام أول تهديد وجودي حقيقي بالسلاح، وعلى الأقدام، وبالدراجات النارية، وبالسلاح الخفيف.
غزة انتصرت ووضعت أمامنا مشاهد نهاية الكيان الغاصب بالصوت والصورة في كل الأصعدة.
إذن ما الذي يجري على الأرض في 13 يوماً التالية؟
كن هناك هدوء قصير، ثم انطلقت حرب أخرى.
تلك حرب أميركا مع الجيل الذي سينهض بالمسؤولية بعد 10 سنوات -مثلاً- ليكنس إسرائيل. ولهذا السبب حصراً تستهدف الطفولة. هذه حرب على المستقبل وللمستقبل. هذه حرب إبادة يقودها الأميركي في محاولة لتأمين حكومة جديدة في الكيان -وستأتي ضعيفة دون شك- وتأخير تعافي غزة، وإضعاف معنوياتها، ومحاولة محو صور النصر السالفة من المخيال الفلسطيني والعربي، واستبدالها بصور الخراب واللحم الممزق.
هذه الحرب للغد. الغد الذي قد لا توجد فيه أميركا، أو قد توجد ولكنها أضعف من أن تحرك بوارجها.

وأين دورنا -نحن "الخفاف"- في هذه التعبئة؟!

هل تتذكر غضبك وشتائمك وأنت تشاهد كذب بايدن؟
هل تتذكر قبضتك التي رفعتها في وجه أكثر من مذيع ومراسل يزور الحقيقة بصلف؟
هل تذكر من كان مع ومن كان ضد في وسائل التواصل؟
هل تذكر من برر للعدوان في بادئ الأمر، ومن ساهم في استمراره لاحقاً؟
هل تذكر سخطك الناري وأنت تشاهد لحم الأطفال ينسل من بين جدران المستشفى المعمداني؟
بعد 10 سنوات -على الأكثر- سنكون في المكان نفسه، وسنحارب الحرب ذاتها. وقد تكون الأخيرة.
وظيفتك أن لا تكون انفعالاتك لحظية، وتراكم القوة كما راكمها الشجعان للحظة الحسم. 
تذكر أن الحرب القادمة سيخوضها أطفال فلسطين وأطفالنا معاً. اشحذ غضبك من الآن، واجمع لذلك عدتك. سجل اسمك في الحرب القادمة من الآن؛ قاطع من الآن كل من يتعامل مع الكيان وداعميه، احفظ استثماراتك في غير بلادهم، لا تشجع إعلامهم، عرّف أطفالك بما ينتظرهم، ونظف بيتك من كل طلقة قد تذهب لصدورهم. 
ضع صور الشهداء أمام عينيك كلما فكرت بـ"قهوة الصباح " وبرامج ""طلبات" الوجبات السريعة والسيارة الجديدة.
لقد برزوا لكم جميعاً، فابرزوا لهم جميعا.
سجل اسمك في "أحا" شعبية متصلة إلى حرب قادمة بدأ تداعياتها منذ يوم 7 أكتوبر. حاول أن تجعل كل إعلامي وكل مسؤول وكل تجارة وكل موتور في وسائل التواصل يترددون قبل أن يستضعفوك.

#طوفان__الاقصى
#أحه

دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...