Thursday, July 25, 2013

تغريدات موثقة.. وانتخابات.. وشراء أصوات!

صفحة الحسابات الموثقة في تويتر حيث يمكن التعرف على آخر الحسابات الموثقة



بربك يا محمد! وما هي العلاقة بين شراء الأصوات والحسابات الموثقة في تويتر؟!

ألا تظن أنك تبالغ؟

ربما، لكن لننظر إلى الصورة العامة كالتالي:
هناك انتخابات، وكما جرت العادة في الكويت، نسمع كثيراً عن محاولات تحديد نتائجها مسبقاً عن طريق شراء الأصوات. هل هذا هو كل ما في الأمر؟
لا طبعاً.. فظاهرة شراء الأصوات ليست طريقاً معبدة بالدينار الأخضر إلى الكرسي الأخضر فقط، شراء الأصوات لدينا يعتبر دالة كبيرة على انعدام الثقة بين الناخب والمرشح، وبين الناخب والعملية الانتخابية ككل وربما اليأس والإحباط من التجربة الديموقراطية ككل، علاوة على ميل الناخب للاستقلال بحركته ومواقفه في المجلس عن أي قواعد شعبية ضاغطة ليمارس (التحليق) الحر في فضاء قاعة عبدالله السالم والسقوط الحر في أي حجر يشاء دون محاسبة أو مسؤولية.
التمثيل النيابي -كما جرت العادة- هو طريق المواطن للعبور إلى بعض المنافع من النائب المقبل فما المانع من تحصيل (منافعه) مسبقاً قبل الوصول؟ بغض النظر عن قيمة الصوت (تذكرة المرشح إلى المجلس لأربع سنوات) الذي تواضع في بعض الدوائر  حتى صار لا يساوي تذكرة سفر كويت-دبي-كويت مع إقامة لأربعة أيام!

انعدام الثقة وقصر الفترة الانتخابية دفع المرشحين إلى وسيلة جديدة في الوصول إلى المرشحين عبر منافذ أخرى للتسويق الإعلامي. منافذ قد توصف بأنها قريبة لشراء الأصوات. من الجدير بالذكر أن موقع تويتر يقدم بعض الخدمات للسياسيين والمرشحين في الانتخابات ولكن ذلك قاصر على الانتخابات الأميركية. فأين يلجأ أصحابنا؟

من المعروف أن شبكة الوسائط الاجتماعية تويتر توقفت عن توثيق حسابات مشتركي خدماتها (verified accounts) منذ مدة ليست بالقصيرة- ٣ سنوات تقريباً. وعند البحث في الموقع الرسمي عن أسباب حجب نقطة الحسد الزرقاء تطالعك الرسالة التالية !

وتبرر تويتر أن الخدمة محصورة على الشخصيات العامة المعرضة للانتحال وسرقة الهوية، والمؤسسات الإعلامية، ومشاهير الفن والموضة والتمثيل والشخصيات الدينية... الآن -والشكر للعصفور الأزرق- أصبح بين الرئيس أوباما وكيم كاردشيان والشيخ العريفي شيء مشترك!

Trends window on twitter account front page

عوضاً عن ذلك بدأت تويتر حملة للتسويق لبعض الحسابات التجارية (المؤسسات والشركات) بضمان عرضها ضمن قائمة الخيارات المطروحة للمغردين لقاء رسم معين في حال استجابتهم للعرض (Trend) ومتابعة هذه العروض أو المغردين (Promoted). أي أن المغرد يجب أن يفسح على أنه مؤسسة تجارية ربحية حتى يمكنه الاستفادة من هذه العروض برغم أنها عروض ليست مجانية بل على العكس مكلفة جداً.

تكمن الحيلة في أن هذه النافذة تعتبر اليوم وسيلة للوصول إلى ختم الاعتماد الأزرق للمغرد ورائحة الأنفاس المنعشة التي يفترض أن تنبع منه! وكلما زاد المتابعين في قائمة الشاري تم الخصم من حسابه بنسبة معينة وفقاً لميزانيته.. لنسمها: زكاة نصاب المتابعين!

في محادثة هاتفية مع أحد موظفي خدمة العملاء استطاع مغرد الحصول على معلومة عامة تقول أنه بمجرد أن تنفق في حملة إعلانية مع تويتر ما قيمته 15 ألف دولار ولمدة ثلاثة أشهر يمكنك ضمان التوثيق، فكل شيء في هذا العالم له ثمن يا عزيزي.

بدأت حملات توثيق الحسابات في مطلع العام الفائت بعد أن قامت مجلة فوربس الشرق الأوسط بنشر قوائم ببعض المغردين المهمين في المنطقة العربية وفوجيء البعض أن هذه الحسابات ليست موثقة.. بالطبع (بريستيج) أغلبهم الآن لم يعد يناسبه أن لا يكون من ذوي النقط الزرقاء !

الغريب هو ما يجري تحديداً في سباق الانتخابات الحالي. معرفات لم يمض على إنشائها شهر واحد وليس لها أي كثافة من المتابعين وليس لديها بالضرورة أي تغريدات مهمة ومع ذلك فهي حسابات موثقة (منذ الولادة) ! فكيف يكون ذلك؟ هذه الحسابات أيضاً تمتلك تعريفات تمتاز بتشابه يشبه التواطؤ المريب: هذه هو الحساب الرسمي لحملة المرشح الفلاني ويديره الطاقم الإعلامي..الخ
فهل هذه التوافق من باب المصادفة أيضاً؟

وكما أن لكل شيء ثمن، فما كل حادث بمحض صدفة. يفسر ما يجري أن تويتر سمح في الآونة الأخيرة بتغيير كافة البيانات المتصلة بالحساب، من الاسم القصير إلى الاسم الطويل إلى البريد الإلكتروني. عملياً أصبحت حسابات تويتر سهلة التداول و (نقل الملكية) والتأجير بالباطن!!

يا سادة.. حسابات هؤلاء المرشحين الحديثة مؤجرة -كما كل شيء في هذه الانتخابات- ولفترة محدودة من قبل بعض شركات الدعاية والعلاقات العامة، وليتها تدار بشكل جيد. قد يؤجر الحساب للمرشح لتجده قد اختفى بعد فترة الانتخابات ليعاود الظهور في الموسم الانتخابي اللاحق، والثقة بها ومن يشغلها أيضاً مهزوزة كما كل شيء في علاقة الناخب بمرشحه ودوائره ومجلسه وصناديقه... إلخ.

أما بعض الحسابات القديمة لبعض الأعضاء السابقين فمن المستغرب أنهم قد جرى توثيقهم حديثاً.. وهذا وقد عرف عنهم أنهم من أهم راكبي الأمواج!

لن أحدثكم طبعاً عن معارضي هذه الانتخابات ومقاطعيها الذين انبروا بشكل لافت لدعم بعض المرشحين وعزوا ذلك للعصبية تارة وتارة: من باب المسؤولية الشرعية ألا يتولى شأن الأمة الفجار!! ناهيك عما نعرفه عن (تسعيرة) التغريدة التي تخضع للمساومة والعرض والطلب قياساً لعدد المتابعين!

أخيراً أترككم مع حساب شركة تويتر الرسمي للمعرفات الموثقة لتسبروا بأنفسكم وفق الترتيب الزمني التنازلي آخر الحسابات التي تم توثيقها أو (افتتاحها) لمرشحي مجلس انتخابات رمضان وبعض المفاجآت التي قد تحمل معها بشائر العيد.


دمتم بود.



دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...