Tuesday, March 13, 2012

هواجس مستقبلية


أكتب في الكويتيين البدون وللكويتيين البدون...
نشر هذا المقال في الثامن من يناير ٢٠١٢ وأعيد نشره الآن.. وربما يظل مستديم الصلاحية لفترة أطول مما أتصور !


لكي نتفهم المرحلة الحالية ونتمكن من حساب الخطوات بشكل دقيق، يجب أن نتعرف على إمكاناتنا جيدا وأن نثق بأنفسنا وبالفريق الداعم لنا. ويجب أن نؤمن بالقضية التي نعمل من أجلها إيمانا راسخا وأن تكون خدمتنا خالصة للقضية دون هوى شخصي أو مرحلي. نسقط ويتابع إخواننا المسير، فلا توقف بعد الآن. ومن الأساسي بالإضافة إلى ذلك دراسة خطط الطرف الرافض لحل قضية الكويتيين البدون وتكتيكاته السابقة ومحاولة استكشاف خططه المستقبلية.

اليوم نتكلم حول الفرص التي قد يستثمرها أعداء قضية الكويتيين البدون، والخطط الجهنمية التي قد يلجؤون إليها لاطلاق الرصاصة الأخيرة على هذه القضية العادلة.

لن ننسى أو نتناسى أن البدون جزء من النسيج الوطني الكويتي وأن النشطاء والمثقفين البدون تعرضوا لحملات مركزة لأنهم من البدون أولا فحصلوا على نفس المعاملة القاسية ثم أضيفت الإهانة إلى الجرح لإبعادهم عن ساحة الفعل والتأثير وفصلهم عن القاعدة الشعبية العريضة لإخوانهم ممن لا صوت لهم.

عودة إلى الإجراءات التي تم اعتمادها في ١٩٨٦/١٢/٢٩ في الوثيقة السرية التي نشرتها صحيفة الطليعة في حينها، وتعرضت الصحيفة أيضاً للتضييق والأذى بسبب نشرها، والموجودة على هذا الرابط:

وهذا الرابط

نود بداية أن نؤكد صحة هذه الوثيقة لتطابقها تماماً مع الواقع، فالتضييق مشهود وموثق ووقف الامتيازات وصل إلى أخطر حالاته وأخيرا يصرح رئيس الجهاز الحالي بمخاطبة دول الجوار لاستقبال من قد ينتمي إليها وفق الخطة القديمة!

بدأ تطبيق هذه الإجراءات بتحييد العاملين في الأجهزة الأمنية وتأجيل البت في أمرهم لحين الحل الشامل، ثم الأبعاد الجماعي لأهل البادية، ومحاولات تعديل قانون العمل وتغليظ عقوبات قانون المعلومات المدنية، وضوابط إتمام عقود الزواج وشهادات الولادة ووقف صرف بطاقات التموين ورخص القيادة والدفع لتحويل الطلاب للتعليم الخاص. وما يلمح له وزير الداخلية من خلال اصدار تشريعات خاصة للبدون يقع في نفس اطار فكل ما حصل سابقا هو سعي حثيث لتعطيل كل القوانين التي تساعد في حل مشكلة البدون ودمجهم في المجتمع بداية بتعطيل مواد في قانون الجنسية إلى تعطيل المراسيم بتجنيس عوائل الشهداء والرغبات الأميرية بتعديل أوضاع الأسرى وقانون تجنيس الألفين وتعطيل اللجان البرلمانية الخاصة.

عندما يشير التقرير- وأفضل تسميته بخطة العمل- إلى تقديم "تضحيات" في سبيل الوصول إلى الأهداف المشتركة فانه بلاشك لا يعني الخسارة الوطنية المتمثلة في فقد طاقات هامة وتعطيل الحقوق أو التأثير على مسيرة الحقوق المدنية، بل يعني صراحة الضغوط الخارجية وخسارة المكانة الدولية الضرورة لدعم الموقف الوطني. لذا نجد هذه الإجراءات تتسارع وتشتد وتقسو بعد حرب تحرير الكويت وتحت غطاء إزالة اثار الاحتلال جرت عمليات كبرى لإعادة التوطين وتفكيك القاعدة السكانية والضغط على باقي مجاميع البدون بمن فيهم المجموعة التي عفي عنها في الفترة الأولي وهي فئة المنتمين للأجهزة الأمنية فجرى تقليص عددهم بشكل راديكالي استعانة بغطاء وجود الدعم الدولي وغطاء القوات الحليفة.

أطلنا في شرح الأبعاد التاريخية، لنصل الآن إلى الوضع الحالي، وفي ظل الظرف الداهم الملبد بغيوم الربيع العربي وحركات التحرر الشابة وبروز الشبكات الاجتماعية كناظم لحركة الشباب الطموح والواعي والمنظم. اصطدمت حكومات محلية كانت تتهم بالفساد بحراك شبابي طموح وجريء راغب بالتغيير للأفضل، كيف جرى التعامل مع ذلك التهديد؟ وكيف نتوقع أن الطرق والمناهج المعتمدة في قمع الثورات قد تصل الى قضية البدون ليتم تطبيقها عليها؟ ودون حذف أو إضافة او تعديل فإن كان هناك من شيء ما ينقص القوم فبلاشك سيكون هو الإبداع والخروج من النظم السائدة.

١- نعود الى مجلس ٢٠٠٣ الذي حل بسبب أزمة الدوائر الانتخابية في ٢٠٠٦ ذلك المجلس شهد بوادر الحراك الشبابي وعودة النائب الوطني الى قواعده للدعم. نتذكر اقتحام جلسة الدوائر من قبل الجمهور، وبروز تيار البرتقالي وحملة "نبيها خمس" وخط الإرادة والأزرق وخط العدالة الذي كان يطالب بدوائر متساوية عدد السكان.

٢- مجلس ٢٠٠٦ الذي قلص الدوائر وأوقف الشيخ محمد المبارك وقدم استجواب وزير الصحة الذي استقالت على إثره الحكومة وطرح الثقة بوزير النفط الجراح.

٣- مجلس ٢٠٠٨ الذي كان بامتياز مجلس مصروفات ديوان الرئيس واستجوابات الرئيس الثلاث.

٤- مجلس ٢٠٠٩ أو مجلس الاستجوابات الأربعة وكارثة مشرف واستجواب شيكات النواب.

٥- وصولا للمرحلة الحالية التي انتهت بأزمة سياسية خانقة انتهت باقتحام المجلس من قبل المتظاهرين وحل البرلمان والحكومة بما رافقهما من تخبطات إجرائية وقانونية. (كتبت المقال قبل انتخابات فبراير ٢٠١٢)

من أهم العبر المستخلصة من تجارب الفترة السابقة والمفيد استحضارها لتجنب الاصطدام بها مجددا-وهو مابات من شبه المؤكد- إذا بدأ البدون حراكهم باتجاه استعادة حقوقهم الوطنية الغائبة كما فعل من سبقهم من إخوانهم الشباب الكويتي الناشط في ذات الدرب.

١- برز الإعلام الخاص غير المنضبط والمتعدي على كرامات الناس واستهداف الناشطين والنواب وإطلاق أوصاف نمطية عليهم (المزدوجون- نواب التأزيم- الصوت العالي).
لذا يجب على إخواننا في قيادة لجان البدون الشعبية كافة أولا علاج مشاكلهم الخاصة والوصول علىالأقل إلى تفاهمات الحد الأدنى، وثانيا الانتباه إلى حملات التشهير الممنهج التي حتما سيتعرضون لها لثنيهم عن الحراك النشط.

٢- الاستعداد لكم مرهق من القضايا القانونية في إطار تركيع إرادة الصمود والمقاومة لديهم واشغالهم بالهم القانوني ومحاولات البقاء بعيدا عن الاحتجاز. وهنا تبرز الحاجة الى دعم وزيادة طاقم القانونيين المساند للقضية وتجنيبهم خلافاتنا الداخلية.

٣- تجنب نشوء الشارع المضاد.. تجميع الصف.. ردع الأصوات الداعية للتقسيم وفق أي مفهوم: طائفي، عنصري، وعندنا وفق الشرائح! فكما كانت اللحمة الوطنية مهددة تحت معاول الإعلام الفاسد بأخطار الفتن الطائفية والمذهبية والمناطقية، يمكن أن تصدر هذه التقسيمات إلى البدون فيجري العمل على استثمار الخلافات بغرض تشتيت الأنشطة وإضعاف الحضور. ما معنى أن تتم الدعوة في هذه الفترة بالذات إلى لجان خاصة لرعاية شؤون أبناء الكويتيات؟ ولجان أخرى للعسكريين وأقاربهم؟ ولجان لأبناء النفط؟ ولجان للشيعة؟ ولجان خاصة بأهل السنة؟ لماذا لاتكون هناك مجاميع فاعلة لإدارة شؤون هؤلاء ضمن التجمعات الموجودة؟

٤- تغييب القيادات واستبدالها بقيادات فاسدة لا تمثل الشارع. فمن خلال إشغال القيادات الوطنية من البدون بوضعهم القانوني في صراع القضاء وخلافات الداخل يجري التدليس بتمرير قيادات مجهولة للبدون تنتهز الفرصه وتنقض على رأس العمل لتعمل معاول الهدم من الأعلى.

٥- في كل مراحل الحراك الشبابي ومنذ انطلاق حركات العمل الوطني جرى استهداف المدونين والمنتديات والإعلام الإلكتروني انتهاء بالمغردين ولا نتوقع أن ذلك سينتهي عند البدون. إضافة إلى زرع مدونات ومواقع ومغردين يعملون لهدم التجمعات من الداخل فيلتقي عملهم مع المخربين العاملين في القاعدة.

سأقتصر على هذه النقاط وأترك الكثير مما تعلمون سابقا وما يمكنكم أن تستدركوا إذا استمر خيط الاستقراء لنصل إلى صورة ذهنية قد تبدو قاتمة للمرحلة المقبلة ينيرها وعيكم واستعدادكم المتناسب.

والسلام.

الكويت: ٨ / ١ / ٢٠١٢

دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...