Friday, May 4, 2012

الحرية للمسالم .. محمد سالم


بقلم: حنظلة
@Handalaq8 

لا مثيل لتواضعه / إنسانيته / محبته للآخرين.. من المميزين الذين أهدتني إياهم الحياة عبر موقع "تويتر" الذي شرَّع الأبواب على مصاريعها فأصبح الكل يعرف الكل، ولكن هو من القلة المميزة والنخبة الطيبة التي تحترمها لعقولها المحترمة، وتفقدها بسرعة للأثر الكبير الذي زرعوه في قلبك وعقلك.

كان يضع ببروفايله في موقع "تويتر" صورة رمزية تحمل وجها ينظر إلى الأعلى بذقن أسود يحتضن شعرات بيضاء تخبئ ورائها الكثير من الأسرار، لم يكشف لي عن سيرته، بل اكتفى بكشف عقله وقلبه المضيئين. ابتسامته الصادقة التي تنقلها حروفه, كتاباته المركزة التي تدل على ثقافته العالية، تفاؤله الكبير بالمستقبل (وربما نظراته في صورته الرمزية إلى الأعلى تشير إلى تفاؤله الذي يلامس السماء السابعة)، دفاعه الشرس عن قضيته "البدون" واخلاصه الشديد لأقرانه، أدبه الجم في خطابه، الكثير والكثير يدفعك إلى أن تؤمن باستثنائيته وتفرده. 

لم أعلم أنه يكبرني بسنوات (وهو بلا شك يكبرني قلبا وعقلا وقدرا) إلا بعدما شكوت بتغريدة قديمة من هم الدراسة، فرد علي مستذكرا مشهد قديم جدا من تاريخ كفاحه في الحياة كنوع من التحفيز وهو يقول: اصبر. ولم أعلم أنه مصور جميل وصحفي جزيل إلا بالصدفة.

قبل أيام, وتحديدا في 1 مايو 2012 وقف على أرض "ساحة الحرية" في منطقة تيماء، بالقرب من أقرانه الذين وقفوا باحتجاج سلمي على استمرار أوضاعهم المأساوية كعديمي جنسية وحقوق مدنية، وقف كصحفي ومصور ليوثق هذا الاحتجاج للتاريخ حتى نحكيه لأجيالنا في المستقبل, إلا أن من كانوا في الجهة المقابلة شاهدوا "عريّهم" بعينه / عدسته.. فلم يحتملوا، ففقأوا عين "الكاميرا"، ونقلت لنا عين "الحقيقة" الخبر كالتالي: اعتقال محمد سالم.

سيخرج محمد قريبا إن شاء الله كباقي أقرانه الذين سبقوه إلى الزنازين، وأعترف أن محمد كان لابد أن يُعتقل، فكل معتقل من معتقلينا المسالمين لمعت أسمائهم في صفحة التاريخ كمدافعين عن حقوقهم الأصيلة في قضية تجاوز عمرها النصف قرن، وكان لابد لإسم "محمد سالم" أن يضاف إلى قائمة الشرف، وإن كان اسمه لامعا من قبل، إلا أن هذا الشرف يزيده بريقاً ولمعان. بقي أن أقول: في يوم العمال العالمي 1 مايو 2012 تم اعتقال الصحفي والمصور محمد سالم أثناء تأدية عمله بتغطية تجمع "البدون" السلمي بمنطقة تيماء، وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 2012 تم تجديد حبسه من النيابة العامة!!


نشر المقال في مدونة الأخ حنظلة بتاريخ الرابع من مايو ٢٠١٢ على الرابط التالي:
وكان من أول ما كتب عن تجربة الإعتقال في وقتها، أعيد حفظه ونشره اليوم في تاريخه لاستذكار المشهد طازجا من جديد لانطلاقة أبعد.. ربما.
ملاحظة صغيرة أهديها لجميع الإخوة تختص بالتوصيف المهني لكل منا، نعم قد نعمل في وظائف شتى بعضها يقترب أو يبتعد عن الحقل الإعلامي، إنما نشترك بأننا جميعا نوصف إما كنشطاء، مغردين، أو مدونين، وأنا شخصياً أفضل أن أوصف كمدون على أن أكون صحافياً أو مصوراً. التدوين تجربة أوسع وأشمل وأكثر توافقاً مع روح العصر وتشعب القضية التي نكتب لها.



دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...