Tuesday, November 12, 2013

قالوا: "لا بدون في الكويت" !

قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006، بإنشاء مجلس حقوق الإنسان بهدف "تعزيز تنفيذ التزامات حقوق الإنسان من قبل الدول ومتابعة الأهداف والتعهدات المرتبطة بنشر وتعزيز حقوق الإنسان المنبثقة عن مؤتمرات واجتماعات قمة الأمم المتحدة" والعمل "بتعاون وثيق مع الحكومات، والمنظمات الإقليمية، ومؤسسات حقوق الإنسان الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان." 

ومنذ أن استحدثت الجمعية العامة آلية المراجعة الدورية الشاملة في مجلس حقوق الإنسان "كآلية تعاونية، تعتمد على الحوار التفاعلي، بمشاركة كاملة للدولة المعنية وبإعطاء الأهمية لبناء القدرات التي توجد الحاجة إليه" ويتوجب على كل دولة عضو في الأمم المتحدة أن تخضع إلى "المراجعة الدورية الشاملة معتمدة على معلومات ذات مصداقية وموضوعية حول انجازات كل دولة عضو بشأن تعهداتها والتزاماتها في مجال حقوق الإنسان".

برغم أن لجان المراجعة، تلك، والتي لا تخلو من دبلوماسية عالية، ليست "محاكم" دولية، فمنذ ذلك الحين، بدأت دول منطقة الخليج العربي بالالتفات إلى الاستحقاقات الدولية بشيء من الجدية نجم عنها الانضمام إلى العديد من الاتفاقيات والعهود التي كانت موضع ريبة واعتراض لفترات طويلة. قطعت بلادنا شوطاً طويلا في التعامل مع الصكوك الدولية الأساسية ولجان الخبراء التي انبثقت عنها حتى وصل الأمر بدولة قطر- مثلاً - إلى المشاركة، عام ٢٠٠٦، في إعداد مسوَّدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكانت من أوائل الدول التي صادقت عليها وعلى بروتوكولها الاختياري، الاتفاقية ذاتها التي صادقت عليها الكويت منذ أشهر قليلة فقط!

في يناير ٢٠١٥ ستعقد جلسة المراجعة الدورية الشاملة لدولة الكويت في مجلس حقوق الإنسان، إذ كان قد جرى مراجعة تقريرها في الجلسة الأولى لمراجعة جميع الدول عام ٢٠١٠. في ذلك الحين سأل ممثل الكيان الصهيوني المحتل عن أوضاع البدون في الكويت! وهو سؤال سيعتصم به حتماً - إن استمرت الأمور كما هي دون حل شامل - أكثر من ١٩٠ سفير أممي؛ عدا المجموعة العربية طبعا!

حالة الإنكار التي تعيشها الحكومة ووفودها لن تجدي أمام المعرفة الشاملة التي تتنامى في أروقة اللجان الدولية في عصر المعلومات. ما حدى بأحد الخبراء الدوليين إلى الاعتراض على وصف رئيس الوفد الكويتي في لجنة مراجعة العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الخامس من نوفمبر الجاري للبدون على أنهم مقيمين بصورة غير مشروعة وأن "لا بدون في الكويت"، بالتأكيد على أن مسمى "البدون" ثابت ومعتمد في أكثر من وثيقة دولية لدى لجان المفوضية السامية لحقوق الإنسان.

البدون لن "يتبخروا" حين تقرر الحكومة تغيير مسماهم أو عدم توثيقهم، ولن يذوبوا في محلول الوعود الحكومية، كما أن تغيير قواعد "لعبة المسميات" الذي تقوم بها الحكومة في كل عقد من الزمان تقريباً، لم يعد يجدي نفعاً، فكل المراقبين يستطيعون أن يجزموا ودون كثير من التدقيق على أن حالة البدون وهويتهم القانونية هي ذاتها لم تتغير منذ سبعينيات القرن الماضي، وأن بؤسهم فقط هو الذي يتناسل ويتجدد.

كما وضح مجلس حقوق الإنسان، فإن أحد الأهداف الرئيسية للمراجعة الدورية الشاملة هي "تحسين وضع حقوق الإنسان على الأرض" ، وطالما أن الحكومات المتعاقبة تصر على عدم إشراك المجتمع المدني وفعالياته ومشرّعيه في إيجاد الحلول للقضايا الإنسانية المهمة، وتحديد الأولويات وعلى رأسها قضية البدون.. فتأكدوا من أننا سنستمر في ابتلاع الضيق الدولي من قلة المصداقية والموضوعية أو الجدية في التطبيق.


----------------------------------------------

نشر في جريدة 

(آراء) الإلكترونية بتاريخ 2013/11/12


دومينيك دوفيلبان ومابعد الكولونيالية

 سكرت أوروبا واسكرتنا في 70 عاماً الماضية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعهود الدولية والتدريب والتشبيك مع جنيف ونيويورك ولاهاي. هذ...