أكتب اليوم باللغة (الوسيطة) السريعة وبأقل قدر من المراجعة لضرورة وصول الفكرة وبسرعة ووضوح لشريحة مهمة من أخواننا وأبنائنا الطلبة والطالبات والخريجين وفائقي الثانوية العامة، والفكرة الرئيسية من المقال هي توضيح الفرق بين العمل والوظيفة، وما هي أهم الأعمال أو الوظائف المتاحة والممكنة في سوق العمل المحلي للكويتيين البدون، وما هو تصوري عن أهم الأعمال التي تعتبر ذات مستقبل في التطور (الوظيفي) والعطاء بما يخدم كفاءات صاحبها ويتوافق مع الظروف الصعبة التي يعانيها أبناء هذه الجماعة.
بين العمل والوظيفة رابط رفيع هو الكفاءة والدافعية فيما تجيد من أعمال.. نبين مفاهيم المهارة والكفاية والكفاءة أولا: فالمهارة هي الجزء الأدائي كما يقوم بها الفرد (التمكن من انجاز مهمة بكيفية محددة وبدقة متناهية، وسرعة في التنفيذ) وتنقسم إلى:
• مهارات أكاديمية: (القراءة، التفكير المنطقى، المنطق، الحساب، الإلقاء)
• مهارات الإتصال الشخصى: (الكلام والعلاقات الشخصية، الإتصال غير الشفوي، القراءة والكتابة)
• مهارات الحركة: (المشى، الرسم، الخط، الحرف والرياضة)
• مهارات العمالة المدربة: (مهارة يدوية كالبناء والنجارة والحدادة والطباعة وغيرها.
• مهارة عقلية: وأهميتها في توجيه المهارة اليدوية إلى الأفضل وهي:
• مهارات متنوعة: (التفكير والذكاء، العمليات الخاصة بالخبرة والمعرفة والذاكرة)
1. مهارة ابداعية.
2. مهارة تنظيمية.
3. مهارة وصفية.
المهارة بمعنى آخر هي التمكن من انجاز مهمة بكيفية محددة وبدقة متناهية، وسرعة في التنفيذ.
أما الكفاية فهي: المهارة العملية مضافا إليها المعارف والمعلومات النظرية والقيم والاتجاهات الوجدانية.
بينما الكفاءة هي: وحدة قياس المستوى الذي وصل إليه صاحب المهارة في توظيفه للكفاية .
التعريف الأخير سيكون للدافعية: التي توصف بأنها حالة داخلية جسمية أو نفسية تدفع الفرد نحو سلوك في ظروف معينة وتوجهه نحو إشباع حاجة أو هدف محدد تصل به في النهاية إلى الشعور بالارتياح.
إذن : الدافع | يحرك وينشط | يوجه | يحقق الهدف | الشعور بالارتياح.
كافي تعريفات :)
ننتقل إلى الفكرة الأساسية؛ نظرا إلى محدودية (الوظائف) المتاحة للشباب الكويتيين البدون، والاشتراطات المتصلة بالخبرة العملية أو الشهادة الجامعية أو ما فوقها، فإن اقتراحي يتمثل في البحث النفسي في أعماق كل فرد منكم عن المهارات الفردية وتنمية القدرات والعمل على استغلال الدافعية الذاتية للحصول على عمل مميز ومتطور لا يرتبط بالمؤسسة يمكنه توفير دخل ثابت (أو شبه ثابت).
ولأسرد لكم هذه القصة التي حصلت معي شخصيا ثم لننطلق لسوق الأمثلة:
بعد فراغي من الثانوية عامة وبعد عدم تمكني كباقي الشباب في فترة الثمانينات من استكمال دراستي الجامعية، وبعد صدمة الغزو وانخراطنا في خدمة المجتمع أتت فترة الخمول التسعيني، بدأت التفتيش في اللاوعي والذاكرة القديمة عن "مهارات" كامنة للعمل على استثمارها فأعدت اكتشاف هواية الخط العربي. بدأت العمل في محل للخط والرسم مع بعض الأصدقاء، وخلال عامين تمكنت من تجميع مبلغ صغير كان يمكن أن يتم صرفه في أي مصرف استهلاكي حتى تعرفت -من خلال عملي في الخط- على أستاذ فلسطيني أحترمه كثيراً نصحني بأخذ دورة عنده في علوم الكمبيوتر. كان أستاذ عبدالله يقول: أي شاب من الكويتيين البدون ليس لديه دورة كمبيوتر هو شخص ... (شتيمة :) ) حيث أن هذا هو المجال الوحيد المتاح حينئذ.
أنهيت دورة كمبيوتر خلال ستة أشهر حصلت بعدها على عمل بدوام ثابت في مجال الطباعة، بعدها تمكنت من دمج الهواية (الخط والرسم) مع الدراسة (علوم الكمبيوتر) للتطور في مهنة التصميم الطباعي، واستمر التطور لغاية الوصول إلى رئاسة قسم الإبداع في إحدى المؤسسات الصحفية.
الاقتراح الذي أحمله لأخواتي وإخواني من هذه القصة هي البحث عن المهارات والقدرات الخاصة عند كل منهم والعمل على تطويرها لحيازة إمكانات مهنة منتجة لا ترتبط بالمؤسسة، متجاوزين شروط التعيين ومحدودية الدخل والحاجة للوثائق الرسمية وإن امكن العمل من المنزل أيضاً -وهو التوجه العالمي المرغوب حاليا.
لنأخذ (المهارات) المتصلة بـ (كفايات) علوم الكمبيوتر التي تمكن من الحصول على عمل مناسب بالتصور الذي وصفنا:
- الصف والتنضيد: سرعة الطباعة باللغتين العربية والانجليزية تمكن أصحابها من العمل في أكثر من (وظيفة) علاوة على العمل الحر بتزويد محلات الطباعة والتصوير والمجلات المستقلة بحاجاتها. بغض النظر أن هذه المهارة ضرورية على المستوى الشخصي لجميع الكتّاب أو الصحافيين وحتى الدارسين لإنجاز بحوثهم الخاصة. توفر هذه المهنة حسب مراقبتي راتبا معتدلا ثابتا بغير جهد ذهني يذكر مع إمكانية متابعة العمل في المنزل على أجهزة الكمبيوتر المنزلية.
- البرمجة: البرمجة بلغات الكمبيوتر المتعددة هي كفاية ذهنية دقيقة تعتمد على الرياضيات والتركيز في اكتشاف الأخطاء وأقصر الطرق لاختبار البرامج. يمكن حاليا تصميم الألعاب والبرامج وتحميلها للبيع على الانترنت بسهولة وبلا حاجة للعمل المقيد ضمن شركة أو مؤسسة بعينها.
- تصميم المواقع: مثل سابقتها بالإضافة إلى تعدد لغات و(أرضيات) تصميم المواقع مما يمكن المصمم من الإبداع في إنتاجه للوصول الى تسويق أعماله بشكل جيد.
- يقاس إلى ذلك مهن أخرى مثل: (هندسة الكمبيوتر، تركيب وتجميع الأجزاء، صيانة الهواتف المتنقلة وبرمجتها، صياغة تطبيقات المحمول..الخ)
- التصوير بشقيه الصحافي والفني وبنوعيه الفوتوغرافي والسينمائي.
- الكتابة الفنية والكتابة المتخصصة: ما زلنا للآن نعاني من ندرة كتاّب العمود الصحفي من الكويتيين وبدون علاوة على ندرة الكتّاب المتميزين. هؤلاء يعتبرون مؤسسات إعلامية بذواتهم.
- الرسم الفني والتشكيليين علاوة على التعامل مع تطبيقات الرسم ثلاثي الأبعاد المواكب للأفلام الكارتونية أو الألعاب الإلكترونية.
- صيانة المعدات.
- التمديدات الكهربائية.
- تعهدات البناء والمسح الارضي.
- تصميم الأزياء: الهوت كوتور مهنة راقية ومرغوبة ولا ترتبط بسن أو جنس ولها آفاق واسعة سقفها العالم، لا تقف عن اتقان الخياطة فقط بل اقتحم مجال الاحتراف.
- رئيس الطهاة: برغم أن القطاع الفندقي هو قطاع مغلق وله جامعاته ومعاهده الخاصة إلا أن الطاهي المميز مرحب به للعمل في أي من الفنادق أو المطاعم العالمية وفقا لإمكاناته وإبداعه.
المهن السابقة لا ترتبط بجنس معين وتأكيدا على ذلك نتابع بسرد المهن التالية:
- تركيب العطور الشرقية: كن متميزا.
- قطاع العقار: البيع والشراء والتأجير وخدمات الصيانة.
- صالونات الحلاقة الراقية للرجال وصالونات المكياج للسيدات.
- هندسة الصوت وهندسة الصورة و الدي جي.
أخيراً وليس آخراً.. جرب أن تفتش في كتيبات الهجرة لأي الدول المتقدمة لاكتشاف أي الوظائف هي الأكثر قبولا، ستفاجئ عندما تعرف أن أكثرها يتصل بخدمات رعاية الأطفال والتعليم والعقار وتمريض -وخدمات الطب المساعدة- والحدادة واللحام بما فيها اللحام تحت الماء!
كل ما سبق هو أمثلة وليس حصر للأعمال التي نصفها بأنها أعمال شبه حرة وتعتمد على المهارة وإبداع مع استعداد فطري وتحتوي دافعيتها الخاصة.
الخلاصة:
لا تضرب رأسك بالجدار.. فتش في مهاراتك الخاصة وأعمل على تطويرها بالدراسة والبحث وحاول استثمارها. تعرف على نفسك قبل البحث عن (وظيفة) جامدة قد تقتل فيك شخصية المبدع.
شكرًا لوقتكم.